إيزيس.. نموذج "الأرستقراطية الإلهية" في مصر القديمة
تبدو إيزيس في كافة المظاهر الأنثوية الإلهية، أكثر الربات شهرة وأبعدهن صيتا، بل إنها تجسد صورة مصر نفسها وهي قرينه أوزيريس، التي صاحبته وساندته، ثم قامت بعد ذلك تنشر عقيدة هذا الزوج الذي سقط ضحية الشر، وتولت أيضًا حماية وريثه والدفاع عنه حتى وصل إلى سن الرشد.
لقد انتشرت شعائر إیزیس نفسها في كافة أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط خلال العصر الروماني حيث أقيمت معابد رسمية لتمجيدها. ويرجع هذا المجد الشعبي الذي تمتعت به إیزیس إلى أواخر العصور الفرعونية، حيث أقيمت لها معابد على ضفاف النيل، ومن ضمن معابدها المعبد الذي أقامه الملك "بسوسنس"، وكذلك "امنموبي"، في بداية عصر الانتقال الثالث الذي يقع في شرق هرم خوفو بالجيزة. وعند فجر العصر اليوناني الروماني، أقيم لها معبد بهبيت الحجر، حيث تبدو روعة تصميمه ونقوشه رغم الدمار الكبير الذي لحق به.
وهناك كذلك المعبد الخاص بمولد إیزیس في دندرة والذى كانت تقام فيه الاحتفالات "بليلة الطفل في مهده » حيث كانت إيزيس تأخذ شكل امرأة سمراء، متوردة مُفعمة، بالحياة ، ناطقة بالحب، ومن الغريب أن الكيان الإلهي الذي لعب دورا أساسيا وفعالا في الأسطورة فاعلية لم تخف حتى على أحد، وكان نموذجًا أصيلا للمرأة المصرية، بصفتها زوجة ترعى بيتها، وبصفتها أما، لم يحتل منذ "الأزمنة البعيدة مكانا متميزا في المعابد أو في المساكن.
عندما دخلت إيزيس في أسطورة أوزيريس، لوحظ أنها فقدت جزءا كبيرا مما كانت تتصف به من تسامٍ، أو بمعنى آخر "الأرستقراطية الإلهية، واقتربت كثيرا من صفات البشر، وبدأت في الظهور كثيرا برفقة أختها نفتيس، في ملابس الحداد، وهما واقفتان عند رأس وقدمي المومياوات تبكيان وتحميان المتوفى الذي كان يُعتبر بعد موته کاوزیریس نفسه، ولم تظهر التماثل التي تمثل إيزيس الأم جالسة على عرشها وهي ترضع الطفل حورس، وقد حملته على ذراعها اليسرى، إلا في العصور المتأخرة فقط..